mercredi 12 novembre 2014

الجلسة العلمية الأولى برئاسة الأستاذ توفيق قريرة - المداخلة الثالثة - الخميس 13 نوفمبر2014 س 11 - س 11:30

الاستدلال النحوي :حِسابُ أشكالِ [إنْ] البنيويّةِ ودلالتها التأويليّة
الأستاذ محمود عبّاس العامري(كلّيّة الآداب والفنون والإنسانيّات، منّوبة)

   ندرس في هذا المقال ما نُسمِّيه الاستدلال النّحويّ. وهو استدلال بنيويّ دلاليّ يقوم على حسابٍ للمعلومات المشكِّلة للبنيات النّحويّة الدلاليّة والمخصِّصَة لها. ونحن نَرَى هذا الاستدلال النحويّ أسَاسًا بنيويًّا دلاليّا للقياس والاستلزَام المنطقيّين وللاستلزام المنشئ للظّواهر البلاغيّة الذي سمّاه المبخوت بالاستدلال البلاغِيّ.                                                                                             
   إنّ الاستدلال النحويّ، في زعمنا، استدلال شكليّ، أي حركة ذهنيّة دلاليّة بين الأشكال البنيويّة النّحويّة. وهو قابل للحساب الدقيق. وهو الأسَاس الشّكليّ المجرّد الذي يَستثمره الاستلزام أو الاستدلال البلاغيّ. فبنية الاستدلال النّحويّ تَستّوعِب أنواع الاستلزام البَلاغيّ المتعدّدة.                              
   إنّ الاستدلال النّحويّ دلالة بنيويّة وضعيّة. أمّا الاستدلال البلاغِيّ فهو دلالة بلاغيّة تأويليّة يكون فيها مقام الإبلاغ من مقدّمات الاستدلال. لكنّ الأهمّ من ذلك، في زعمنا، أنّ الاستدلال البلاغِيّ لا ينجح إلّا بإدراج بنية الاستدلال النّحويّ في حسابِه البلاغيّ.                                                             
   يعتمد المتكلّم في خطابِه على بنية الاستدلال النّحويّ. فينشِئُها ببنيات نحويّة متنوّعة أبرزها بنية المشارطة. ولكنّه في مقامات كثيرة يتصرّف في إنتاج الاستدلال النّحويّ أنواعا من التصرّف يتحوّل بها إلى استدلالات بلاغيّة يبدأ المتكلّم إنتاجَهَا ويكمِل المخاطَب تشكيلها. فينتقل الاستدلال النّحويُّ من وضع الدلالة النّحويّة الوضعيّة إلى وضعِ الدلالة البلاغيّة التّأويليّة.                                                 
   من النتائج الطريفة أنّ المتكلم يكون بِمأمن من المسؤوليّة عن إنتاج الدلاليّة البلاغيّة على أنّه أنتج أساسها النّحويّ. ومن النتائج الطريفة أيضًا أنّه يكثُرُ أن يغْفَلَ المخاطَب عن أنّه شريك في إنتاج الدّلالة التّأويليّة بل يغفل  أيضًا عن أنّه المتمّم لإنتاج الدلالة التأويليّة. ولذلك يكثر في التّخاطبات  خصوصا المتوتّرة والانفعاليّة أن يقول المخاطَب للمتكلّم:«تُريد أن تقول...| تعني...» غافلًا أو متغافِلًا عن أنّه بقوله ذاك يكون هو الذي صاغ الدلالة. ويريد مع ذلك محاسبته. لكنّ المتكلّم لا يُسأَل قانونيّا عن الدلالة التأويليّة بل عن الدلالة الوضعيّة فقط لأنّها تكون صريحةً.                                                    
   سنقوم في هذا المقال بدراسة بعض أنواع التّصرّف في بنيات الأقيسة المنطقيّة الدلاليّة أي في المقدّمات والنتائج. وسندرس الحسَاب النّحويّ المنطقيّ لصدق الاستلزام وحسابَه البلاغيّ والالتباسَ الحاصِل بقصدٍ أو بغيره بين ذينك الحسابين. فالمثال (إن يتكلّمْ زيدٌ يضْرِبْه عمرٌو) يكون الحساب النّحويّ لصدق المشارطة المكوّنة له مختلفا عن الحساب البلاغيّ لذلك الصّدق. ويكثر أن يحدّد المخاطب توقّعاتِه وآراءَهُ بناء على حساب الصّدق البلاغيّ دون حساب الصّدق النّحويّ المنطقيّ فيوفّر للمتكلّم منشئ الاستلزام فسحة من الإمكانات وقدرة على المخاتلة وغيرها.                                          
   سنُحلِّل في مقالنا هذا بعضَ الأقوال التي تنتمي إلى الخطاب السّياسيّ. فسنختار أقوالًا للرّئيس الأمريكي أوباما قائمة على بنيات الشّرط. ويمكن أن نختار أقوَالا لغيره من الخطاب السّياسيّ أو من غير الخطاب السّياسيّ. وسنهتم فيها بعدد من الدلالات النحوية من أبرزها الوجوب والإمكان والصّدق والإلزام والالتزام...                                                                                              


يمكنك أن تطرح الأسئلة وتبدي تفاعلك مع المداخلة في خانة التعليقات

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire